تحذير عاجل: الذهب يبدأ الانهيار الكبير!

81
الذهب بين شبح الهبوط الكبير وحلم القمم التاريخية الجديدة
إعداد: الخبير الاقتصادي محمد قيس عبدالغني


مقدمة

تتصاعد في الأسواق أحاديث عن بدء الهبوط الكبير للذهب، واستئناف رحلة العودة التدريجية نحو مستوى 3000 دولار للأونصة الواحدة، مع تزايد التوقعات بإمكانية نهاية الحرب الروسية الأوكرانية، وتوقف الفيدرالي الأمريكي عن خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، إلى جانب مؤشرات على تهدئة الحرب التجارية بين واشنطن وبكين واستئناف العلاقات التجارية في قطاع الرقائق الإلكترونية.

السؤال الجوهري هنا:
هل هذه التطورات كفيلة بإطفاء حُمّى الذهب وإعادة الأسعار إلى مستويات سلبية أدنى 3000 دولار؟
أم أننا أمام تصحيح طبيعي ضمن مسار صاعد أكبر قد ينتهي بـقمم تاريخية جديدة للمعدن الأصفر؟

هذا المقال يحاول تفكيك المشهد الاقتصادي والجيوسياسي والفني، ثم ترجمته إلى رؤية عملية لكل فئات المتعاملين مع الذهب: المتداولون على المنصات، المستثمرون في الذهب الفعلي، المدخرون، ومضاربو الكاش.


أولاً: المشهد الاقتصادي – عين الفيدرالي على التضخم

على الصعيد الاقتصادي، لا تزال بعض بيانات التضخم الأساسية متأخرة نسبياً بسبب تأثيرات الإغلاق الحكومي السابق في الولايات المتحدة، لكن الأسواق تترقب هذا الأسبوع صدور مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (Core PCE)، وهو المقياس المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم.

هذا المؤشر يعتبر حالياً أهم بيانات الأسبوع بالنسبة للذهب، لأنه سيحدد إلى أي مدى يمكن للفيدرالي الاستمرار في نهج التشديد أو التريث عن خفض الفائدة:
•أي قراءة أعلى من المتوقع تعني تضخماً أكثر عناداً، ما قد يدعم بقاء الفائدة مرتفعة فترة أطول، وهو عامل ضغط سلبي على الذهب.
•أما القراءة الضعيفة فقد تعيد فتح الباب أمام الحديث عن تيسير نقدي مستقبلي، ما يمنح الذهب دفعة إيجابية على المدى المتوسط.

إلى جانب ذلك، يشهد الأسبوع إجازات عيد الشكر في الولايات المتحدة، ما يعني:
•انخفاضاً في السيولة المتداولة.
•اتساعاً في فروق الأسعار (Spreads).
•تذبذبات حادة وغير منطقية أحياناً.

وهي عوامل تستدعي الحذر في التداول قصير الأجل خلال هذه الفترة.


ثانياً: المشهد الجيوسياسي – من الحرب إلى احتمالات السلام

على الصعيد الجيوسياسي، تبرز عدة عناصر ضاغطة على الذهب:
1.الملف الروسي الأوكراني
هناك مؤشرات على ضغوط متزايدة باتجاه الوصول إلى صيغة سلام أو تسوية، مع دفع أوكرانيا نحو القبول بمقترحات لإنهاء الأزمة.
هذه الحرب كانت أحد أهم الأسباب التي أشعلت أسعار الذهب في الفترات الماضية.
•أي تقارب حقيقي نحو السلام سيُترجم عادة إلى:
•انخفاض في الطلب على الملاذات الآمنة.
•ضغوط بيعية على الذهب.
2.العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين
تجدد الحديث عن استئناف العلاقات التجارية، خاصة فيما يتعلق بالرقائق الإلكترونية والمعالجات، والسماح بتدفقات معينة في قطاع التكنولوجيا الحسّاس.
هذا النوع من التفاهمات يُخفف من حدة الحرب التجارية، ويدعم:
•أسواق الأسهم والمؤشرات الأمريكية.
•شهية المخاطرة عموماً على حساب الذهب كملاذ آمن.

هذه العوامل لا تعني بالضرورة نهاية صعود الذهب، لكنها تخلق بيئة مهيأة لموجة تصحيحية هابطة إذا تزامنت مع معطيات فنية سلبية.


ثالثاً: القراءة الفنية لحركة الذهب – مستويات الخطر والفرص

من الناحية الفنية، يظل الذهب حتى اللحظة ضمن إطار سيناريو إيجابي عام على المدى المتوسط، لكنه يتحرك حالياً في نطاق عرضي على المدى القصير، قرب المتوسط المتحرك لـ 55 يوماً، بعد موجة صعود قوية حقق فيها مكاسب كبيرة.

هذه الحركة العرضية غالباً ما تسبق أحد أمرين:
1.إمّا استكمال الصعود نحو قمم جديدة.
2.أو الدخول في تصحيح عميق يلتقط منه السوق أنفاسه، ويُعيد توزيع المراكز بين المشترين والبائعين.

مستوى التحول الحاسم: 3950 دولار للأونصة
•3950 دولار للأونصة يمثل حالياً مستوى مفصلياً:
•بقاء الأسعار أعلى 3950 يبقي الباب مفتوحاً أمام استمرار النظرة الإيجابية، وإن كانت ضعيفة ومتوترة.
•هبوط الأسعار دون 3950 سيكون بمثابة دق ناقوس الخطر وبداية محتملة لموجة هبوط حادة.

في حالة كسر 3950 دولار للأونصة والثبات دونه، يبرز السيناريو التالي:
•استهداف منطقة 3800 دولار للأونصة كمرحلة أولى.
•ثم امتداد التصحيح إلى قرب 3640 دولار للأونصة.
•وعلى المدى المتوسط قد يتوسع السيناريو الهابط ليقترب السوق تدريجياً من مناطق 3600 ثم 3000 دولار للأونصة، خاصة مع نهاية العام وموجات جني الأرباح من قبل الصناديق الكبرى.

متى يعود الذهب إلى الإيجابية؟

على الجانب الآخر، يظل هناك سيناريو صعودي مشروط:
•لن يعود الذهب إلى إيجابية واضحة ومهيمنة إلا إذا نجح في اختراق مستوى 4220 دولار للأونصة والثبات أعلاه.
•عندها قد نشهد:
•زيارة للقمة السابقة قرب 4360 دولار للأونصة.
•وربما استهداف مستويات 4500 دولار وما فوق إذا ترافق ذلك مع توترات جديدة أو صدمات غير متوقعة في المشهد العالمي.

التصحيح ليس انهياراً

من المهم التأكيد على أن:
•التصحيحات الهابطة في أي دورة صعود للذهب هي حركة صحية.
•هذه الموجات تتيح:
•جني الأرباح لمن اشتروا مبكراً.
•خلق مراكز شرائية جديدة بأسعار أفضل على المدى المتوسط والطويل.


رابعاً: ماذا يعني ذلك لفئات المتعاملين مع الذهب؟

1. المتداولون على المنصات (Trading / مشتقات)

بالنسبة للمتداولين على عقود الذهب عبر المنصات المالية:
•الوضع الحالي عرضي ومتذبذب، ولا يُنصح بالتسرع في ملاحقة الاتجاه دون وضوح.
•سيناريو فرصة بيعية محتملة:
•لا يُنظر إلى فرصة بيع واضحة إلا في حال كسر مستوى 4000 دولار للأونصة أولاً، ثم تأكيد الهبوط تحت 3950 دولار.
•حينها فقط يمكن الحديث عن موجة هابطة تستهدف مناطق 3920 و3840 دولار للأونصة وما دونها، ضمن إطار إدارة مخاطر صارمة.

هذه الرؤية تحليلية وليست توصية مباشرة، وقرار الدخول والخروج يتحمل مسؤوليته المتداول وحده.


2. المستثمرون في الذهب الفعلي (سبائك) على المدى الطويل

لمن يستثمرون في الذهب الفعلي على أفق زمني من 7 إلى 10 سنوات:
•يمكن اعتبار المستويات الحالية مناسبة لبناء مراكز استثمارية طويلة الأجل.
•لأن:
•الذهب تاريخياً في اتجاه صاعد عبر العقود.
•من اشترى الذهب قبل عشرات أو مئات السنين يظل رابحاً بالقيمة الحقيقية.
•الذهب يبقى مخزناً للقيمة وملك الملاذات الآمنة في مواجهة التضخم وتآكل القوة الشرائية للعملات الورقية.

بالتالي، من يفكر بالاحتفاظ لسنوات طويلة:
•يمكنه الشراء دون مبالغة في متابعة كل تصحيح قصير الأجل.


3. المدخرون على المدى الطويل

المدخر الذي يتعامل مع الذهب كـ”تأمين للثروة” على أفق من 7 إلى 10 سنوات:
•تنطبق عليه تقريباً نفس رؤية المستثمر طويل الأجل:
•الشراء من المستويات الحالية مقبول.
•التقلبات قصيرة ومتوسطة الأجل لا تمثل تهديداً جوهرياً لجدوى الادخار بالذهب على هذا الأفق.


4. المدخرون على المدى القصير (من أشهر حتى سنة تقريباً)

هذه الفئة تختلف تماماً عن المستثمر طويل الأجل:
•لا يُنصح حالياً بالشراء من المستويات الحالية لمن يخطط للادخار لفترة قصيرة (أشهر – سنة).
•السبب:
•احتمالية الدخول في تصحيحات هابطة خلال نهاية العام.
•إمكانية رؤية مستويات أقرب إلى 3600 دولار للأونصة.
•الأفضل لهذه الفئة:
•الانتظار حتى حدوث هبوط واضح واقتراب الأسعار من مناطق 3600 دولار.
•الشراء على دفعات وليس بصفقة واحدة، لاستغلال أي ذبذبات إضافية.


5. المتداولون على الكاش (الذهب الفعلي كمضاربة قصيرة الأجل)

بالنسبة لمضاربي الكاش على الذهب الفعلي:
•أي تراجعات في الأسعار تظل أعلى مستوى 3950 دولار للأونصة يمكن أن تُعد فرصاً للمضاربة الشرائية قصيرة الأجل.
•بشرط:
•وضوح نقاط الخروج.
•عدم التمسك بالمراكز إن تم كسر مستوى 3950 دولار هبوطاً، لأن ذلك يفتح الباب لتصحيحات أعمق.


6. من يفكر في بيع ما لديه من ذهب

هنا يجب التفريق بين حالتين:
1.من استثمارُه على الذهب شارف على نهاية دورة حياته
•يمكنه التفكير في:
•جني جزء أو كامل الأرباح الحالية.
•انتظار تصحيح قادم لبناء مراكز شرائية جديدة بأسعار أفضل.
2.من يفكر في البيع بسبب حاجة ملحّة للسيولة
•يُفضّل:
•بيع الكمية اللازمة فقط لتغطية الحاجة الضرورية.
•الاحتفاظ بما تبقى قدر الإمكان، طالما لا توجد ضرورة قهرية للبيع، لأن الذهب يبقى ملاذاً آمناً على المدى الطويل.


خلاصة

الذهب اليوم يقف عند مفترق طرق بين سيناريوهين رئيسيين:
•سيناريو هابط تصحيحي:
•يبدأ فعلياً بكسر مستويات 4000 ثم 3950 دولار للأونصة.
•يمتد نحو 3800 ثم 3640 دولار، وقد يتدرج على المدى المتوسط إلى مناطق 3600 وربما 3000 دولار، بدعم من:
•احتمالات السلام في أوكرانيا.
•تهدئة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.
•توقف أو تباطؤ خفض الفائدة من قبل الفيدرالي.
•موجات جني الأرباح مع نهاية العام.
•وسيناريو صعودي ممتد:
•يتطلب عودة التوترات أو صدمات جديدة في المشهد العالمي، مع:
•نجاح الذهب في اختراق 4220 دولار للأونصة والثبات أعلاه.
•استهداف قمم 4360 ثم 4500 دولار وما فوق.

بين هذين السيناريوهين، يبقى العامل الحاسم هو:
أفقك الزمني، ودرجة تحمّلك للمخاطرة، وطريقة تعاملك مع الذهب: استثماراً، ادخاراً، أو مضاربة.

هذا المقال يقدم رؤية تحليلية عامة، ولا يشكل بأي حال من الأحوال نصيحة استثمارية مباشرة.
قرار الشراء أو البيع، وما يترتب عليه من أرباح أو خسائر، هو مسؤولية القارئ وحده.

Declinazione di responsabilità

Le informazioni e le pubblicazioni non sono intese come, e non costituiscono, consulenza o raccomandazioni finanziarie, di investimento, di trading o di altro tipo fornite o approvate da TradingView. Per ulteriori informazioni, consultare i Termini di utilizzo.